دعونا أولا نتطرق الى مفهوم التنمية البشرية وما الفرق بين التنمية البشرية و تطوير الذات , تعرف التنمية البشرية بأنها تطوير الأفراد و قدراتهم وتحسين البيئة التي يعيشون بها و اكسابهم قدرات ومهارات جديدة تساعدهم على اكتساب حياة أفضل وبالتالي خلق مجتمع متطورعلى جميع الأصعدة . وفي مقال نشرته الشبكة العربية للتميز و الإستدامة تحت عنوان التنمية البشرية مفهومها و اهدافها عرفت التنمية البشرية بأنها تطور الأشخاص واستغلال نقاط القوة لديهم لتحسين مستويات حياة الإجتماعية و الإنسانية التي تقوم على نظرية التطور الإجتماعي.
ففي السنوات الأخيرة خاصة مع التطور التكنولوجي والإنتشار الواسع لمواقع التواصل الإجتماعي انتشرت ثقافة التنمية البشرية بشكل كبير لدرجة أن مدربي التنمية البشرية يستقبلون الملايين من الزوار خلال الدورات والمحضرات التي يقدمونها , فالمؤيدين لهذه العلوم حسب نظرهم تساعد على التطوير و الخروج من دوامة المشاكل النفسية و الفشل فهي تقدم استراتيجيات تساعد على تغير السلوك السيء, كذلك تساعد على اكتساب عادات جديدة و ذلك من خلال الدورات او الكتب التي تباع بالملايين وتحتل المراكز الاولى في نيويورك و العالم مثل كتاب "معجزة الصباح" الذي بيعت منه اكثر من الف نسخة و من خلال هذا الكتاب قام الكاتب " هال الرود" بإطلاق ظاهرة عالمية من خلالها غير حياة الكثير للأحسن وهي ظاهرة الروتين الصباحي قبل الثامنة صباحا و المثال على ذلك الفيديوهات التي انشرت في السنوات الأخيرة على اليوتيوب والتي تحصد على الملايين من المشاهدات تحت عنوان الروتين الصباحي أو روتين الخامسة صباحا .. الى غير ذلك و غيرها من الكتب الاخرى , بالإضافة الى اشهر مدربي التنمية البشرية خاصة في الوطن العربي منهم د.إبراهيم الفقهي الغني عن التعريف , يصل عدد الذين حضروا محضراته الى اكثر من 7000 شخص من بين كتبه التي ترجمت لأكثر من لغة و حصلت على مبيعات وصلت الى الملايين نجد كتاب علم ديناميكية التكيف العصبي .
أما المعارضين نجد لهم الكثير من المقالات أو مشاهد على اليوتيوب و القنوات التليفزيونية يقلون أن التنمية البشرية عبارة عن خرفات و أوهام وكلام فارغ للحصول على الأموال والشهرة بأسهل الطرق , بالإضافة الى ضلالات التنمية البشرية الكثيرة بحيث يقومون مدربي التنمية البشرية بضليل الشباب خاصة من يعانون من الاكتئاب و الفراغ في حياتهم تحت عنوان التغير للأفضل من خلال روتين التسعين أو روتين ال21 يوم و الى غير ذلك و يؤكدون أن جميع العلوم تقوم على أساس العلم وتجارب العلمية كعلم النفس على عكس التنمية البشرية التي هي عبارة عن دراسة فقط , بالإضافة الى تداخلها مع علوم الطاقة والرحانيات كالشاكرات و التأمل و غير ذلك من الامور التي لم تثبت علميا و لا دينيا , كذلك الكتب المنتشرة بقوة تحمل عناوين ومضامين لا أساس لها من الصحة ولا علاقة لها بالحياة الواقعية .
في الجانب الاخر نرى أن مصطلح " التنمية البشرية" دائما ما يكون مصحوب بجملة "تطوير الذات" فكتب التنمية البشرية تسمى بكتب التنمية البشرية و تطوير الذات , فالبعض يقول أن تطوير الذات جزء وركن أساسي من أركان التنمية البشرية , و البعض الاخر يقول أن هناك تداخل بين التنمية البشرية وتطوير الذات , أما الدراسات العلمية و الاكاديمية تؤكد أن التنمية البشرية و تطوير الذات تربطهم علاقة تكاملية , التنمية البشرية تقوم على تنمية المجتمع و الأفراد و تطوير الذات يقوم على التنمية الذاتية أو التطوير الذاتي كإكتساب عادات جديدة وتحسين الكفاءة الذاتية و بالتالي فإن تطوير الذات هو ما يؤدي الى التنمية البشرية .
لكن تطوير الذات على عكس التنمية البشرية أثبت بجدارة صحة مفعوله وذلك لأن كل الكتب أو المعلومات التي يقدمها تطوير الذات مثبتة علميا و دراسيا كإكتساب العادات الجيدة أو استبدال العادات السيئة بالعادات الجيدة , أفضل مثال على ذلك كتاب العادات الذرية وكتاب قودة العادات , في هذين الكتابين ستجد دراسات و تجارب علمية حول طرق عمل العادات و كيف يستقبل العقل الإنساني الوعي و اللاوعي العادات الجديدة و بالتالي تسهل الأمر على من يريد أن يغير من نفسه أو أن يتخلى عن عاداة سيئة كالإدمان على التدخين .
تعليقات
إرسال تعليق
اكتب تعليقك و رايك حول الموضوع و المقال