القائمة الرئيسية

الصفحات

دور العائلة في بناء الفرد





العائلة هي أساس ذات الفرد و عماد المجتمع فهي الإنتماء الأول للإنسان . العائلة هي أول مجتمع يحتك به الفرد في مرحلة طفولته , فمفهوم العائلة يختلف من شخص لأخر هناك من يقول العائلة هي العائلة الروحية بالنسبة اليه و تجد من يقول العائلة مجرد أشخاص مثل كل أفراد المجتمع و هناك من تكون العائلة بالنسبة اليه هي الوطن بدونها يحس كأنه في الغربة , فلو سألتك عن ما تعريفك للعائلة أو ماهو مفهوم العائلة بالنسبة إليك, سيكون الجواب حتما مختلفا و سيكون مفهوما مطابقا للمعايير الأسرية و البيئة العائلية التي ترعرعت فيها .

فمهما كان مفهوم العائلة و مهما كان وصفك للعائلة فهي أساس بناء الذات , بمعنى أخص و أكثر وضوحا البيئة الأسرية هي التي من ستحدد قيمك الإجتماعية و النفسية و الذاتية وحتى المبادئ و المعتقدات المختلفة كالدينية و العاطفية مثلا , فالعائلة هي الأساس التي تبنى عليها الأعمدة المستقبلية لكل فرد و على جميع الأصعدة و بالتالي هي من ستحدد شكل مستقبلك شأت أم أبيت لأن بكل بساطة الإنسان لا يستطيع اختيار عائلته , و هنا يأتي دور العائلة الفعالة و الغير فعالة . و سنركز هنا عن كيف يمكن للعائلة أن تقوم بهدم و بناء شخصية الفرد وذاته .

فالعائلة الفعالة  هي العائلة المبنية على أسس التفاهم و المشاركة و تقبل التغيير , الإحترام , الدعم , المسؤولية و الثقة و التواصل ...الخ . كما تتميز ببيئة صحية سليمة و متوازنة تساعد الفرد على اكتساب شخصية قوية وذات مستقلة تقدم له نموا سليما جسميا و نفسيا و عقليا , نجد دائما الأفراد الذين عاشوا و ترعرعوا داخل عائلة فعالة محبين للحياة لهم مستقبل مشرق و حظوظ أكثر في هذه الحياة نتيجة للتربية السليمة و البيئة الفعالة .

على عكس العائلة الغير الفعالة التي تساهم بشكل كبير في هدم المجتمع , لكن قبل أن نتطرق الى دور العائلة في المجتمع . دعونا نرى كيف تقوم العائلة بهدم ذات الفرد و مستقبله, العائلة الغير فعالة هي عائلة معاكسة تماما للأسرة الفعالة مبنية على عدم المشاركة و عدم الإحترام غير متقبلة للتغير و التقبل للأشياء الغير تقليدية يكون طريق الفرد فيها مرسوما منذ الصغر كالوظيفة و يمكن حتى شريك الحياة يكون مقررا منذ نعومة الأظافر من طرف الأهل .

العائلة الغير فعالة تقيد الفرد بسلاسل و كلما كبر تكبر هذه السلاسل معه , هذه السلاسل عبارة عن عادات و تقاليد التي تحكم أكثر من الدين و القانون بنفسه , كذلك المعتقادات الموجودة منذ الأزل ,قيود اجتماعية و تقليدية حتى معتقدات دينية ساهمت في خلق أفراد بذات محتجزة و مكبلة بهذه السلاسل التي لا تنتهي , فالعائلة الغير فعالة تبني أفراد بدون ذات مستقلة و بدون مبادئ تتبع الموروث كالأعمى , تقتل الأحلام قبل ولادتها , بدون شخصية و معتقدات خاصة , فكم من شخص لم يستطع الإرتباط بشريك الحياة الذي يريده لأن الأم لم ترضى بهذا الشريك , و كم من فتاة أرادت الإلتحاق بالجامعة لكن للأسف لا يوجد فتيات يدخلن الجامعة في العائلة . وكم من فرد أنتهكت خصوصياته و فقد الثقة بنفسه و تأثرت نظرته لنفسه سلبا لأن لم يتم احترم قرارته و خصوصياته من طرف العائلة أو الأهل ولم يتلقى المساندة المطلوبة من طرف الوالدين أو الأخوة أثناء أصغر انتكساته خاصة في مرحلة الطفولة و المراهقة اللواتي تعتبران من أهم المراحل لتشكل إنسان بالغ سليم  . 

ناهيك عن المشاكل النفسية و كبت المشاعر الذي ينتج عن العيش داخل بيئة أسرية غير  فعالة , في مقال نشرته الجزيرة بعنوان العائلة وما أدراك ما العائلة  كتبت فيه الإعلامية حفصة بوخاري عن أهمية العائلة و دورها في مساهمة في بناء الفرد وكيف تكون العائلة هي مصدر الأمان و الثقة يوجد مثل هذه المقالات بكثرة بل تجد الألاف منه , لكن قليل ما يسلط الضوء على العائلة من الجانب الأخر فليس كل العالم لديه عائلة سليمة .

قامت الدراسات في علم الاجتماع العائلي بتحديد وضائف متعددة للأسرة لأنها في الأخير هي مؤسسة أسرية لها وضائف و قيم  و أسس , من بين هذه الوضائف المتعددة نجد الوظيفة النفسية للعائلة وتقوم على تزويد أفراد الأسرة بالأمان و الإستقرار و التوافق النفسي , تنمية الثقة بالذات و إعطاء كل فرد من العائلة قيمته و أهميته في العائلة , اعطائهم الحب الكامل لحمايتهم من الإنفعال العاطفي الاطائش كالبحث عن الحنان و الحب خارج الأسرة  والبحث عن الإهتمام و التعاطف الخارجي مما يعرضهم للتلاعب العاطفي و الإستغلال , و عدم تقبل الذات و الرفض.

بالنسبة لدور العائلة في المجتمع سواءا العائلة الفعالة و الغير الفعالة فهو يكمن في الإضافة التي سيضيفها هذا الفرد الذي كونته العائلة للمجتمع ثم الوطن , لكن العائلة هي المجتمع الصغير للفرد قبل أن ينتقل للمجتمع والقيم و المبادئ حتى الصفات التي تم اكتسابها في داخل العائلة هي نفسها من تبقى معه و يأخذها  للمجتمع إما ايجابا أو سلبا , و هنا يأتي وعي و ادراك الفرد بذاته وهنا تبدأ رحلة اكتشاف الذات .

للأسف العائلة أو الوالدين هم أول من يصطدم به الفرد و العائلة هي القدوة الأولى له , ولأن الإنسان لا يستطيع اختيار عائلته فإن المعتقدات و القيم ستبقى موروثة الى أن يصبح الفرد مدركا واعيا , لذلك البحث عن هوية و معتقدات الذات تبدأ عند أول حافة خارج العائلة , للأسف جروح و صدمات العائلة لا تنسى و لاتشفى مهما بلغت من قمم الثراء و النجاحات فالعائلة أول صدمة للإنسان.






تعليقات

التنقل السريع